مدونتي احتراف: كتاب كورد

اخبار من قسم كتاب كورد"

‏إظهار الرسائل ذات التسميات كتاب كورد. إظهار كافة الرسائل





د. مهدي كاكه يي
جميع المؤرخين وعلماء الآثار والباحثين يتفقون على أن السومريين كانوا من الأقوام غير السامية. يذكر العلامة طه باقر في مقدمة كتاب “من ألواح سومر” للمؤرخ صمويل كريمر (Samuel Noah Kramer) الذي قام بترجمته الى اللغة العربية في صفحة 8 ما يلي: وجلّ ما يمكن قوله بهذا الصدد أن مَن نُسمّيهم بالسومريين في تاريخ وادي الرافدَين، كانوا قوماً ليسوا من الأقوام السامية (الأقوام السامية هي تلك الأقوام التي تكلمتْ بإحدى اللغات السامية كالأكدية والبابلية في العراق والأمورية والكنعانية والآرامية والعبرانية في ربوع الشام والجزيرة العربية)، بل أن لغتهم هي من اللغات غير السامية.
فيستطرد المؤرخ طه باقر في حديثه بأن الباحث الإيرلندي “هنكس” يقول بأن الخط المسماري أوجده قوم غير ساميين، بل أن هذا القوم سبق البابليين الساميين في إستيطان وادي الرافدَين. نشر الباحث الإنكليزي الشهير “هنري رولنسون” بحثاً في عام 1855 في مجلة “الجمعية الآسيوية الملكية” يذكر فيه بأنه إكتشف كتابةً جديدةً بلُغةٍ غير سامية وجدها مدوّنة في الآجر وفي ألواح الطين في بعض المواقع القديمة في بلاد ما بين النهرَين، مثل “نفر” و”لارسا” و”الوركاء”. في عام 1856، ذكر الباحث الإيرلندي “هنكس” بأن هذه اللغة الجديدة هي من نوع اللغات الإلتصاقية وفي عام 1869 أطلق الباحث الفرنسي “أوبرت Oppert” على هذه اللغة الجديدة “اللغة السومرية” لأول مرة.
بدأ العصر الذي سبق العهد السومري على هيئة حضارة قروية زراعية أدخلها “الإيرانيون” من الشرق (أسلاف الكورد الزاگروسيين) الى جنوب العراق (صمويل كريمر: من ألواح سومر، ترجمة طه باقر، مكتبة المثنى، بغداد ومؤسسة الخانجي بالقاهرة، 1970، صفحة 356). هذا القول يؤكده المؤرخ البروفيسور “سبايزر Speisere” في صفحة 99 من كتابه المعنون “شعوب ما بين النهرين”، حيث يقول بأن العناصر الگوتية (أسلاف الكورد) كانت موجودة في جنوب العراق قبل تأسيس سومر وأسسوا بلاد سومر فيما بعد وشكلوا الحكومات فيها.
يذكر كل من الأستاذ طه باقر والدكتور عامر سليمان بأنه عند هجرة الأكديين الى شمال وادي الرافدين (جنوب كوردستان الحالية) في أواخر الألف الثالث قبل الميلاد، كان السومريون و السوباريون يعيشون هناك وكانت المنطقة تُسمى ب”سوبارتو”. يضيف المؤرخان المذكوران بأنه جاء ذكر السوباريين في النصوص المسمارية منذ عصر فجر السلالات (طه باقر: مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة. الجزء الأول، الوجيز في تاريخ حضارة وادي الرافدين، الطبعة الأولى، بغداد، 1973، صفحة 120، 476؛ عامر سليمان: العراق في التاريخ القديم، الموصل، دارالحكمة للطباعة والنشر، 1992، صفحة 119). من هنا نرى أن الموطن الأصلي للسومريين هو كوردستان وأنهم من أقوام جبال زاگروس التي هي الموطن الأصلي للكورد وأن السومريين هاجروا من كوردستان الى جنوب بلاد ما بين النهرَين وبنوا حضارة راقية هناك.
يذكر كل من الدكتور عبدالعزيز صالح في صفحة 448 من كتابه (الشرق الأدنى القديم –مصر والعراق، الجزء الأول، القاهرة، 1976م) والدكتور محمد بيومي مهران في كتابه المعنون (تاريخ العراق القديم، الاسكندرية، 1990، صفحة 90) والدكتور إبراهيم الفني في صفحة 319 من كتابه المعنون (التوراة) المنشور من قِبل (دار اليازوري للنشر والتوزيع) في العاصمة الأردنية، عمّان في عام 2009، بأن الموطن الأصلي للسومريين هو جبال زاگروس الكوردستانية.
في بعض مدن شمال بلاد ما بين النهرَين مثل مدينة آشور ونينوى، تم إكتشاف آثار للحضارة السومرية التي تعود لعصر فجر السلالات ولا سيما الفترة الأخيرة منه (طه باقر: مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة، الجزء الأول، الوجيز في تاريخ حضارة وادي الرافدين، الطبعة الأولى، بغداد، عام 1973، صفحة 177). إكتشاف آثار سومرية في شمال بلاد ما بين النهرَين (كوردستان) يؤكد على أن كوردستان هي الموطن الأصلي للسومريين وأن السوباريين والسومريين عاشوا معاً هناك. هذا دليل مادي على كون كوردستان الموطن الأصلي للسومريين ولا مكان فيه لأية إجتهادات أو تحليلات.
يذكر عالم الآثار الدكتور بهنام أبو الصوف في إطروحته التي نال عليها شهادة الدكتوراه من جامعة كامبرج البريطانية في عام 1966، بأن السومريين لم يأتوا من خارج بلاد ما بين النهرَين، بل كانوا في منطقة سوبارتو وأن هذا الشعب في زمنٍ ما إنتقل الى الجنوب ونقل معه حضارته. ما يدعم كلام عالم الآثار بهنام أبو الصوف هو أن إنشاء حضارة زراعية متطورة وإختراع الكتابة من قِبل السومريين، يدلّان على أنهم كانوا يمتلكون أسس حضارية متقدمة قبل إنتقالهم الى جنوب بلاد ما بين النهرَين. هذا يدل على أن السومريين كانوا جزءً من أسلاف الكورد الزاگروسيين الذين إنتقلوا من كوردستان الى جنوب العراق الحالي، حيث أنّ أسلاف الكورد الزاگروسيين هم أول مَن قاموا ببناء الحضارة البشرية في المنطقة وأن باكورة الحضارة ظهرت على أرض كوردستان.
الآثار القديمة التي تم إكتشافها في كوردستان تثبت بأن كوردستان هي مهد الحضارة البشرية الأولى، حيث يذكر العالم الأمريكي البروفيسور (روبرت جون بريدوود) بأنه تمّ الإنتقال من حياة الصيد الى حياة الزراعة في كوردستان في حوالي عام 6000 – 10000 قبل الميلاد. كما أنه يضيف بأن الشعب الكوردي كان من أوائل الشعوب التي طوّرت الزراعة والصناعة ومن أوائل الشعوب التي تركت الكهوف لتعيش في منازل بها أدوات منزلية متطورة للإستعمال اليومي وأن الزراعة وتطوير المحاصيل قد وجدتا في كوردستان منذ (12) ألف سنة والتي إنتشرت منها إلى جنوب بلاد ما بين النهرَين، ثم إلى غرب الأناضول، ثم إلى الهضبة الإيرانية، ووصلت منذ ثمانية آلاف سنة إلى شمال أفريقيا ثم أوروبا و الهند. يضيف هذا العالم الأمريكي بأن الكثير من المحاصيل التي نعرفها الآن، كالقمح والذرة والشعير، قد إنطلقت من كوردستان. حول الصناعة، يؤكد البروفيسور (روبرت جون بريدوود) بأن الموقع الآثاري “چيانو” الواقع في شمال كوردستان يمكن أن يُطلق عليه إسم أقدم مدينة صناعية في العالم، حيث يُستخرج منه النحاس إلى يومنا هذا، كما عُثر فيه على صلصال دُوّن عليه التبادل التجاري. هذا يُشير الى أن السومريين المتحضرين كانوا من أحفاد الزاگروسيين الذين إبتكروا الزراعة والصناعة، حيث تعلموا الحضارة وأخذوا الخبرات من أسلافهم الزاگروسيين.
يكشف بعض الأدبيات السومرية عن أصل السومريين. على سبيل المثال، إحدى أساطير الخلق السومرية المعنونة “قصيدة المعول” التي تعود جذورها إلى بدايات إبتكار الزراعة في كوردستان، حيث تقول القصيدة المذكورة بأن الإِله (انليل) بعد أن (أسرع بفصل السماء عن الأرض، عمل على خلق الإنسان الأول، فحفرَ شقاً في الأرض… ووضع بدايات البشرية في الشق، وعندما بدأ البشر بالظهور كالحشيش، كان انليل ينظر مرتاحاً إلى شعبه السومري). في الفقرة الأخيرة من هذه القصيدة، يكشف السومريون بوضوح عن أصلهم الزاگروسي، وأنهم أحفاد أُولئك الأسلاف الذين إبتكروا الزراعة في كوردستان وبنوا أقدم القرى الزراعية في العالم.
الكتابات السومرية تُخبرنا بأن موطن الآلهة (دلمون) هو المكان الذي يمنح السعادة الأبدية للإنسان بعد موته، ولهذا السبب كان السومريون يدفنون أفراد العائلة المالكة في هذه المنطقة عند وفاتهم تكريماً لهم للخدمات الجليلة التي يقدمونها للآلهة خلال حياتهم، حيث أن (دلمون) كانت فردوس السومريين.
يذكر الدكتور مؤيد عبدالستار في مقاله القّيم المعنون ( دلمون أرض السعادة السومرية … من جبال زاگروس الى البحرين) بأن الباحث (ديفد رول)، في هامش رقم 1 في صفحة 241 من دراسته المعنونة (Legend) (مصدر رقم 2) يشير الى دراسة الباحث الكبير صموئيل نوح كريمر المنشورة في مجلة المدارس الأمريكية للبحوث الشرقية عدد ديسمبر/كانون الأول عام 1944 والمعنونة “دلمون أرض الأحياء”، حيث أن كريمر يستنتج من خلال نتائج بحثه المذكور بأن منطقة (دلمون) تقع جنوب غرب ايران (جبال زاگروس) (مصدر رقم 3). يستطرد الدكتور مؤيد عبدالستار في مقاله المذكور بأنه يتم ذكر (دلمون) بإسمها (جبل دلمون Akk Kur – Dilmun) وهذا يدل على أن (دلمون) هي منطقة جبلية. كما هو معروف، فأن كوردستان هي المنطقة الجبلية الوحيدة في بلاد ما بين النهرَين. الملاحم السومرية تذكر أيضاً بأن منطقة (دلمون) تقع عند مشرق الشمس، وهذا يشير الى أن موطن الآلهة السومرية (دلمون) موجود في جبال زاگروس المُشرفة على سهول بلاد ما بين النهرَين. يضيف الدكتور مؤيد بأنه في شرق كوردستان، توجد قرية صغيرة تقع بين بحيرة أورمية ونهر ميدان تُدعى (دلمان Dilman) و التي قد تكون لها علاقة بمنطقة (دلمون) السومرية.
هناك الكثير من الكلمات السومرية التي لا تزال حيّة في اللغة الكوردية وتشكّل قسماً كبيراً من مفردات اللغة الكوردية، رغم الفاصل الزمني الكبير الذي يبلغ آلاف السنين الذي يفصل بين اللغتين والتغييرات التي مرت على اللغة الكوردية خلال هذه الفترة الزمنية الطويلة.
“ملحمة كلگامیش” ترتبط تسميتها بوضوح ببطل الملحمة الذي يتشبه بالجاموس ويتكرر إسم الجاموس لمرّات عديدة في الملحمة، حيث أنّ “كلگامیش” قام بصرع وقتل الجاموس (گامیش) السماوي وأنه من المرجح أن يكون إكتسابه لإسمه هذا متأتياً لهذا السبب بإضافة “كَل” الى “گامیش” ليصبح “كلگامیش”. هكذا نرى بأنّ إسم الملحمة نفسها هو إسم كوردي خالص، يتألف من ثلاث كلمات هي “كَل” التي تعني “فحل” وكلمة “كَا” التي تعني “ثور” وكلمة “ميش” التي تعني “حيوان”. وبدمج كلمة “كَا” و”ميش” تنتج لنا الكلمة المركبة “گاميش” التي تعني في اللغة الكوردية “الجاموس” وبذلك يعني إسم الملحمة “فحل الجاموس”. بينما يُسمّي الكورد “البقرة” ب”مانگا” أي “أنثى الثور”. إنّ إختيار السومريين للجاموس ليكون رمزاً لهم، يعكس بوضوح تأثرهم ببيئة الأهوار التي كانوا يعيشون فيها، حيث إشتهرت بلاد سومر بكثرة الجاموس فيها والتي لا تزال الى يومنا تشتهر المنطقة بتربية هذا الحيوان. العرب إقتبسوا مفردة “جاموس” من المفردة السومرية “گامیش” وقاموا بتحويرها لتتلاءم مع النطق العربي.
من جهة أخرى، لو ننظر الى أبطال ملحمة “كلگامیش”، نرى أن الآشخاص البارزين في الملحمة يحملون أسماء كوردية. “أورشنابي”، الذي يساعد “كلگامیش” في بحثه عن سرّ الخلود، إسمه يعني ال(ملاّح). الى الوقت الحاضر يستعمل الكورد مفردة “شناو” التي تعني “السباحة”. “أوتناوپشتم” هو إسم جد “كلگامیش” والذي عنده سر الخلود. هذا الإسم يعني “الذين أتوا من بعدي” ومضمون معناه هو “الخلود”. في اللغة الكوردية يُقال “هاتنوپشتم” الذي يعني أيضاً “الذين أتوا من بعدي” والعبارة هذه، كما نرى، هي نفسها في اللغة السومرية و الكوردية.
إن تركيبة اللغة السومرية والكوردية متشابهة، حيث أن كلاهما لغتان إلتصاقيتان، يتم فيهما تركيب كلمات مركبة من كلمتَين أو أكثر من الكلمات البسيطة. من جانبٍ آخر فأن اللغة الكوردية لا تزال تحتفظ بكثير من الكلمات السومرية رغم مرور آلاف السنين على إنقراض اللغة السومرية، لدرجةٍ أن إسم بلاد سومر لا يزال باقياً في اللغة الكوردية ويُعطي نفس المعنى، حيث أن إسم بلاد سومر باللغة السومرية الذي تتم كتابته بالخط المسماري، هو (كي إن جي Ki -en –gi)، الذي يعني “البلاد السيدة” (عامر سليمان، وأحمد مالك الفِتْيان: محاضرات في التاريخ القديم، 1978، صفحة 25). هذا الإسم في اللغة الكوردية يعني “مكان أو بلاد سادة الأرض”.
قام السومريون ببناء معابدهم على أماكن مرتفعة شبيهة بالجبل (زَقُورة) ورسموا الأشجار والحيوانات الجبلية كالوعل والماعز على الأختام الأسطوانية التي كانوا يصنعونها (سامي سعيد الأحمد: السومريون وتراثهم الحضاري. مطبعة الجامعة، بغداد، 1975، صفحة 42، 82؛ فاضل عبد الواحد علي: من سومر إلى التوراة. سينا للنشر، القاهرة، 1996، صفحة 22). كل هذا يدلّ على الأصل الجبلي للسومريين، حيث كانت جبال زاگروس الموطن الأصلي لهم. كما أن هناك مشتركات كثيرة في العقائد بين السومريين و الكورد.
كما أن تأسيس السومريين لممالك المدن يرتبط بِخلفتيهم الجبلية، حيث أن الطبيعة الجبلية تعزل السكان عن بعضها بسبب الحواجز الجبلية الطبيعية التي تجعل سكان كل منطقة معزولين عن البعض و يُشكّلون مجتمعاً شبه مستقل، يدير أمور حياته بِنفسه. هكذا فأن هذه الثقافة الجبلية إنتقلت مع السومريين عندما هاجروا من كوردستان الى جنوب بلاد ما بين النهرَين وإحتفظ سكان كل منطقة في كوردستان بإستقلاليتهم بعد الإنتقال الى جنوب بلاد ما بين النهرين و أسست كل مجموعة سكانية، التي كانت تعيش معاً في كوردستان ضمن جغرافية متصلة، مملكة مستقلة لنفسها في موطنها الجديد. من الجدير بالذكر أن عزل الطبيعة الجبلية لسكان كوردستان عن بعضها هو أحد أهم الأسباب التي أدت الى عدم إتحاد الشعب الكوردي وفقدانه لقيادة سياسية موحدة وبالتالي تأسيس كيان سياسي مستقل لنفسه. كما أنه أيضاً أحد الأسباب الرئيسية في رسم شخصية كوردية تعشق الحرية والإستقلالية و ترفض أن تأتمر من قِبل قيادات حزبية و سياسية.
يعتقد بعض المؤرخين بأن السوباريين والسومريين ينتمون الى أصل واحد وأنهم مرتبطون مع البعض بصلة القرابة أو على الأقل أنهما كانا يعيشان معاً في شمال بلاد ما بين النهرَين قبل إنتقال السومريين الى جنوب بلاد ما بين النَهرَين وإستقرارهم هناك (الدكتور نعيم فرح: معالم حضارات العالم القديم، دارالفكر، 1973، صفحة 198). يذكر الدكتور نعيم فرح في كتابه المذكور أيضاً بأن السوباريين والسومريين ينحدرون من الگوتيين (أسلاف الكورد) الذين كان موطنهم سلسلة جبال زاگروس. إن أسماء كثير من المدن السومرية هي ليست أسماء سومرية، بل سوبارية، أمثال مدن: أور، أريدو، أوروك، سِپار، لارْسا، لَگَش، وكذلك قد تكون المفردات المشتركة بين اللغتين السوبارية والسومرية هي مفردات سوبارية، مثل كلمة “باتيس – باتيز” التي تعني “الملِك” (الدكتور سامي سعيد الأحمد: السومريون وتراثهم الحضاري، منشورات الجمعية التاريخية العراقية، بغداد، 1975). هذا يدعم الرأي القائل بوجود صلة القرابة بين السوباريين والسومريين.
مرّ عصر الممالك السومرية بثلاث أدوار. دور فجر السلالات الأول (2900/2800-2700 قبل الميلاد)، حيث أن هذا الدور يمثل المرحلة الأخيرة من أطوار العصر الشبيه بالكتابي و ضمَّ طور الوركاء وجمدة نصر. دور فجر السلالات الثاني (2700-2550 قبل الميلاد)، في هذا الدور تكاملت الكتابة المسمارية وتم إستخدامها وظهر التدوين الرسمي وتم أيضاً تأسيس ممالك مستقلة في المدن. دور فجر السلالات الثالث (2550- 2334)، في هذا الدور وصلت الحضارة السومرية في أور الى أعلى مراحل إزدهارها ونضجها. سلالة الوركاء الأولى هي من السلالات الشهيرة في دور فجر السلالات الثالث، حيث إشتهرت بملكها الخامس “كلكامش” (حوالي 2700 قبل الميلاد) الذي هو بطل ملحمة كلكامش الشهيرة. كما ظهر في هذا الدور كلّ من سلالة (لكش) و(أوما) اللتين كانتا في صراع مرير، إستمر لحوالي مائة عام (فاضل عبدالواحد علي. العراق في التاريخ – السومريون والاكديون – بغداد، 1983، صفحة 66 – 67؛ مصدر رقم 4).
يقول الأستاذ طه باقر في مقدمته لكتاب صمويل كريمر والذي ترجمه الى العربية، بأن السومريين على ماهو مجمع عليه، المؤسسون الأوائل لمقومات الحضارة والعمران ومنهم إقتبس الساميون في بلاد ما بين النهرين أصول حضارتهم ولا يقتصر تراثهم الثقافي بكونه أساس حضارة وادي الرافدَين، بل أنهم أثرّوا في جميع شعوب الشرق الأدنى ويتجلى ذلك في مجالات عديدة، حيث أن السومريين كانوا أول مَن أوجد وطوّر الكتابة التي عُرفت بعدئذٍ بالخط المسماري وهو الخط الذي إقتبسه معظم شعوب الشرق الأدنى القديم (صمويل كريمر: من ألواح سومر، ترجمة طه باقر، مكتبة المثنى، بغداد ومؤسسة الخانجي بالقاهرة، 1970، صفحة 9-13).
تميّز السومريون بالإبداع في الحضارة المادية كأسس العمارة والفنون والنظم الإجتماعية والسياسية والى غير ذلك من مقومات الحضارة التي أثرّت بشكل كبير في تقدم شعوب الشرق الأدنى. كما أن السومريين أوجدوا آراءً و تصورات و أفكاراً في الديانة وفي المجالات الروحية والعقلية الأخرى، وأن الكثير منها دخلَ الى معتقدات الديانة اليهودية والمسيحية وإنتقل الكثير منها الى الحضارة الحديثة. أنتج السومريون نتاجاً أدبياَ أصيلاً الذي كان معظمه شعراً وكان تأثيره عميقاً في الأقوام القديمة وإستمر تأثيره الى الحضارة الحاضرة.
إبتكر السومريون الكتابة في جنوب بلاد ما بين النهرَين في حوالي عام 3000 قبل الميلاد وبذلك بدأ عصر التدوين الذي من خلاله إستطاع الباحثون الإطلاع على الحضارة السومرية والحضارات التي تلت هذه الحضارة.
أهم الأعمال التي قام بها السومريون هي إختراعهم للكتابة والأرقام وإبتكارهم للمدن. السومريون هم أول مَن إخترعوا الكتابة والأرقام والتي أخذتها الأقوام الأخرى منهم، حيث أننا لو تصفحنا الكتب الغربية التي تدرس تأريخ تطور اللغات والأرقام في العالم، لنرى أنها تذكر ذلك وتؤكد عليه. السومريون بنوا حضارة متقدمة، حيث طوروا الزراعة والري وإخترعوا المحراث والدولاب والعربة ومخرطة الخزف والقارب الشراعي والبرمشمة واللحام والدهان وصياغة الذهب والترصيع بالأحجار الكريمة وعمارة القرميد العادي والمشوي وإنشاء الصروح وإستعمال الذهب والفضة في تقويم السلع وإبتكروا العقود التجارية ونظام الإئتمان ووضعوا كتب القوانين، وهم أول من إبتكروا الطابوق كوحدة معمارية مصنعة بدل الحجر.
يُحدّثنا التأريخ أيضاً بأن السومريين تمسكوا بالحق والعدالة والحرية الشخصية وكرهوا الظلم والعنف، حيث وضعوا القوانين لتنظيم حياتهم على ضوء هذه المبادئ الإنسانية.
برع السومريون في علوم الموسيقى، حيث أن التنقيبات الأثرية في مدفن زوجة ملك أور، الملكة شبعاد، التي قام بها علماء الآثار البريطانيون في عام 1918، قادت الى العثور على مجموعة من العازفين مع 11 قيثارة، إضافة لقيثارة كبيرة مكونة من 30 وتراً وهي القيثارة السومرية. الحضارات اللاحقة قد أخذت معظم العلوم ومنها الموسيقى من الزقورات (أماكن العبادة)، (زقورة أور وزقورة دوركاريكالزو) الواقعة غرب بغداد وكانت زقورات وادي الرافدين قُبلة لأنظار الناس ومنها إستلهم المصريون أهراماتهم وهياكلهم الأولى (ب. ليرخ: دراسات حول الأكراد وأسلافهم الخالديين الشماليين. ترجمة الدكتور عبدي حاجي، 1992).
تشتهر مقبرة أور الملكية بآثارها النفيسة، حيث يعود معظم هذه القبور إلى عصر فجر السلالات الثالث. تم إكتشاف أكثر من 2500 مقبرة، وأن 16 مقبرة على الأقل من هذه المقابر هي مقابر جماعية، دُفنت فيها أفراد العائلات السومرية المالكة، حيث كان يتم دفنهم في مقابر جماعية مع حاشيتهم وأتباعهم ومتاعهم وأثاثهم (طه باقر: مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة، الجزء الأول، الوجيز في تاريخ حضارة وادي الرافدين، الطبعة الأولى، بغداد، عام 1973، صفحة 277 – 283، فاضل عبد الواحد علي، من الواح سومر الى التوراة. بغداد، 1989، صفحة 74- 77).
كما تم إكتشاف مقابر جماعية تعود لأسلاف الكورد، الكيشيين و في مدينة “نوزي” (مدينة كركوك الحالية) تم أيضاً إكتشاف مقابر جماعية تعود للخوريين وكذلك في مدينة ماري التي تبعد حوالي 11 كيلومتراً عن بلدة البوكمال الواقعة في سوريا الحالية (طه باقر: مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة، الجزء الأول، الوجيز في تاريخ حضارة وادي الرافدين، الطبعة الأولى، بغداد، عام 1973، صفحة 283 – 285).
أنشأ السومريون ممالك (ممالك المدن)، حيث كان كل مملكة تتألف من مدينة واحدة، مؤلفة من مركز المدينة وضواحيها من حقول وبساتين تابعة لها (جورج رو: العراق القديم. ترجمة وتعليق حسين علوان حسين، بغداد، وزارة الثقافة والإعلام، الطبعة الثانية، 1986م، صفحة 181 – 182). كانت الممالك السومرية مستقلة عن بعضها ولكل مملكة (مدينة) حاكمها وإلهه الخاص بها وتعاقبت على حكمها سلالات كثيرة وكانت تتميز العلاقات بين الممالك السومرية بالعداء والنزاعات والحروب (عامر سليمان: العراق في التاريخ القديم، الموصل، دارالحكمة للطباعة والنشر، 1992، صفحة 139).
قام السومريون ببناء العديد من المدن التي كان كل مدينة منها عبارة عن مملكة سومرية مستقلة. من المدن السومرية هي (أوروك) التي تقع على الضفة الشرقية لنهر الفرات وتبعد بحوالي 30 كيلومتر عن شرق مدينة السماوة، ومدينة (لگش) التي تقع في جنوب مدينة قلعة سكر العراقية، و(أور) و(اريدو) الواقعتان في جنوب غرب مدينة الناصرية في جنوب العراق و( لارسا) التي تقع شمال غرب مدينة الناصرية العراقية و(أوما) الواقعة في جنوب غرب مدينة قلعة سكر في العراق ومدينة (شروباك) التي تقع في شمال مدينة (أوروك)، حيث أنه خلال التنقيبات التي أُجريت هناك في عام 1902 ــ 1903، تم إكتشاف عدد كبير من الألواح المدرسية التي تعود للعصر السومري والتي كان يتم فيها تدريس تلاميذ المدارس، ومدينة (إيسن) التي تقع في جنوب شرق مدينة الديوانية العراقية، ومدينة (ادب) التي تقع في شمال غرب مدينة (أوما)، ومدينة (نيبور) الواقعة في شرق مدينة الديوانية، ومدينة (اكشاك) التي يقع موقعها في المدائن التي تقع جنوب شرق العاصمة بغداد، ومدينة (كيش) التي تقع آثارها في محافظة بابل و كانت إحدى المدن الرئيسية للسومريين، حيث أن الأساطير السومرية تُخبرنا بأنها أول مدينة يحكمها ملِك بعد الطوفان الكبير الذي تم ذكره في الأساطير السومرية وفي الديانة اليهودية و المسيحية والإسلامية، ومدينة (سيبار) التي تقع على الضفة الشرقية من الفرات، حوالي 60 كيلومتر شمال بابل، ومدينة (شوروباك) التي تقع على نهر الفرات، حوالي 225 كيلومتر جنوب شرق مدينة الناصرية، في هذه المدينة السومرية تم إكتشاف أول تقويم زراعي، يضم عدداً من الوصايا والتعليمات الزراعية الخاصة بتهيئة الحقل وبموسم البذار والري والحصاد وضعها فلاح سومري لإبنه على رُقيم من طين يحوي 35 فقرة (ليو اوينهايم: بلاد ما بين النهرَين. ترجمة وتحقيق سعدي فيضي عبدالرزاق، منشورات وزارة الثقافة والإعلام، بغداد، 1981، صفحة 463 – 512؛ نيكولاس بوستگيت: حضارة العراق وآثاره – تاريخ مصور، ترجمة سمير عبد الرحيم الجلبي، بغداد، دار المأمون للترجمة والنشر، 1991، صفحة 125- 142).


المصادر
1. Speisere, Ephraim A. (1930). Mesopotamian Origins. The basic population of the Near East. Philadelphia, USA.

2. Rohl, David M. LEGEND Volume: 2, London, 1999, pp.237.
3. Kramer, Samuel Noah (1944). Dilmun, the Land of the Living. Bulletin of the American Schools of Oriental Research.
4. Hallo, William W. (1957). Early Mesopotamian Royal Titles. New Haven, CT: American Oriental Society, pp 35 -50

الدين الهَلاوي (العلوي) هو إمتداد للديانة اليَزدانية (المثرائية)

د. مهدي كاكه يي
قديماً، كان يُطلق على العلويين إسم (النصيرية) نسبة الى مُجدّد الدين العلوي، محمد بن نصير الذي عاش حوالي سنة 850 ميلادية. ولِد محمد بن نصير في البصرة وقضى معظم حياته في بغداد وكانت مدينة سامراء مركزاً لنشاطاته الدينية. يذكر البعض بأنه من أصل فارسي، إلا أن كوردية الديانة العلوية تٌرجّح كونه كوردياً، حيث أن الغالبية العظمى من المؤرخين العرب يُرجعون أصول الشخصيات الكوردية الى الفرس.
ظلت تسمية (النصيرية) تُطلق على العلويين الى أن تمّ إطلاق إسم (العلويون) عليهم من قِبل الأتراك في زمن الإمبراطورية العثمانية، حيث يذكر البروفيسور جمال نبز في كتابه المعنون "المستضعفون الکورد وإخوانهم المسلمون، طُبع سنة 1994"، بأن أصل كلمة "علوي" يعود الى الكلمة الكوردية (هَلاڤ HALLAV) التي تعني بالكوردية (بخار الماء المغلي المشبه بالنار المستعرة) وكذلك (لظى النار) نفسها. الأتراك أخذوا هذه الكلمة الكوردية وأضافوها الى لغتهم وحوّروها الى (ALEV) والتي تعطي نفس المعنى. هكذا أطلق الأتراك في زمن الإمبرطورية العثمانية إسم (ALEVî) على هذا الدين والذي تمّ تحويره من قِبل العرب الى (علوي). كلمة (هَلاڤ) لها علاقة بالنار التي هي مقدسة في المثرائية المتجسدة في الديانة اليزدانية والتي الديانة العلوية هي فرع لها. مما سبق نستنتج بأن إسم الدين العلوي هو إسم كوردي خالص وليس له أية علاقة بِعلي بن أبي طالب، بل مرتبط بالنار المقدسة عند اليزدانيين.
بسبب عدم تعمّق الكثير من الباحثين والمؤرخين في الأديان القديمة، فأن "دراساتهم" سطحية، عاجزة عن الوصول الى الحقائق. على سبيل المثال، فأن الغالبية العظمى منهم يعتبرون (محمد بن نصير) هو مؤسس الدين أو "المذهب" العلوي، دون أن يدركوا بأن الدين العلوي، مثل سواه من الأديان الآرية القديمة، يتمّ تجديده بإستمرار وفي كل مرة يتقمص الإله في شخص ما ويقوم هذا الشخص بِتجديد الدين. في الدين العلوي، فأنّ (محمد بن نصير) إمتلك الذات الإلهية وقام بتجديد الدين العلوي وفقاً لظروف ذلك الزمن، بينما في الدين اليارساني قام (سان سهاك) بِآخر تجديد لهذا الدين.
إن جميع الكُتب والدراسات التي يدّعي فيها أصحابها بأن العلويين هم طائفة إسلامية، هي عبارة عن "دراسات" غير موضوعية ومنحازة. إنحياز وعدم تمسك القائمين بهذه الدراسات بالمهنية البحثية ناتج عن أربع أسباب رئيسة:
1. قسم من الدارسين لجذور المعتقد العلوي يميلون الى الفكر الإسلامي ومنحازون الى هذا الفكر، لذلك يحاولون تزييف الحقائق وفرض الهوية الإسلامية على العلويين.
2. قسمٌ ثانٍ من الدارسين يحملون الفكر العروبي ويلجأون الى كل الطرق الملتوية ليُثبتوا إسلام العلويين، حيث أن الإسلام والعروبة وجهان لعُملة واحدة. كما أن الهوية الإيزدية تتعرض أيضاً للتزوير من قِبل الكُتّاب الإسلاميين والعروبيين ويحاولون بمختلف الوسائل أن يُرجعوا أصلهم الى يزيد بن معاوية، أي بكلام آخر يحاولون أسلمتهم وتعريبهم.
لو ندرس تأريخ شعوب منطقة الشرق الأوسط الكبير لَنكتشف بأن الغالبية العظمى من السوريين واللبنانيين وغيرهم من شعوب المنطقة، هم مستعربون وليسوا عرباً، حيث أنهم من أصول كلدانية وآشورية وسريانية وأرمنية وكوردية. السكان في مصر هم من الأقباط وسكان السودان نوبيون و سكان شمال أفريقيا هم أمازيغ، حيث فرض العروبيون إسم "المغرب العربي" على بلاد (ثامزغا).
3. القسم الثالث من الباحثين يقومون بدراسة مجاميع علوية في سوريا التي أسلمتْ و أصبحت مسلمة وإنسلخت عن العلويين. نتيجة الغزو الإسلامي العربي للمنطقة وكَون الإسلام ديناً شمولياً غير متسامح مع الأديان والمعتقدات الأخرى ووقوع المنطقة تحت حكم عربي إسلامي لأكثر من 1400 سنة، فأن أعداداً كبيرة من العلويين و غيرهم من أصحاب الديانات غير الإسلامية أُجبِروا على ترك دياناتهم القديمة وإعتناق الدين الإسلامي، أو إضطروا أن يعتنقوا الإسلام.
خلال وقوع أصحاب الديانات غير الإسلامية تحت الحكم العربي الإسلامي والممتدة لأكثر من 1400 سنة، فقدت الديانات القديمة في المنطقة الكثير من معالم هوياتها ومعتقداتها وطقوسها وأُدخلت إليها معتقدات وطقوس إسلامية لِتلافي القتل والسبي أو دفع الجزية والتخلص من الإرهاب والتهديدات والإهانات والضغوط المفروضة على معتنقي االديانات غير الإسلامية من جانب المسلمين. نرى في سوريا، على سبيل المثال، بأن بشار الأسد العلوي يذهب للصلاة في أحد الجوامع خلال الأعياد الإسلامية. بشار الأسد ينتمي الى الشريحة العلوية المنسلخة عن العقيدة العلوية، حيث أن الدين العلوي لا يؤمن بالشهادة الإسلامية (أشهد ان لا إله الا الله محمد رسول الله) ولا يصوم العلويون شهر رمضان ولا يصلّون ولا يؤدون فريضة الحج في مكة ولا يقومون بدفع الزكاة، أي أن الأركان الخمس للإسلام لا وجود لها في الدين العلوي، بل أن العلويين يقدمون النذور ويصومون لمدة ثلاث أيام في السنة في منتصف الشتاء الذي يُصادف ميلاد ميترا (ميثرا) وهذا أحد الأدلة على أن الدين العلوي هو إمتداد للديانة الآرية (المثرائية واليزدانية). من الجدير بالذكر أن الپروفيسور عزالدين مصطفى رسول، نقلاً عن (جميل الاسد) شقيق الرئيس السوري الراحل (حافظ الاسد)، يقول بأن عائلة الأسد هي عائلة كوردية كاكائية من مدينة خانقين الواقعة في إقليم جنوب كوردستان التي هاجرت من هذه المدينة الى سوريا (يمكن مشاهدة المقابلة التلفزيونية مع الدكتور عزالدين حول الموضوع من خلال رابط الفيديو الموجود في نهاية هذا المقال). كما أن إيمان العلويين بِتناسخ الأرواح هو إثبات جازم لإنتمائهم الى الأديان القديمة في منطقة غرب آسيا وهذا الإعتقاد نجده عند الهندوس والبوذيين والإيزديين والدروز واليارسانيين وغيرهم من أتباع الديانات القديمة في المنطقة. إذن دراسات هذه المجموعة من الباحثين هي عن "العلويين" الذين هجروا دينهم وإعتنقوا الإسلام، لذلك لا يمكن تصنيف هذه الدراسات ضمن الدراسات العلوية. من جهة أخرى نجد أن العلويين في شمال كوردستان و في تركيا لا يزالون يحتفظون بالكثير من معتقداتهم وطقوسهم الدينية.
[youtube src="5AboaTohwP0"/]



4. المجموعة الرابعة تضم باحثين علويين، يدّعون في "دراساتهم" بأنهم مسلمون، كوسيلة لحماية العلويين من القتل والإضطهاد والتهديد والإرهاب والمضايقة أو أن هؤلاء من الشريحة العلوية المنفصمة عن العقيدة العلوية و الشاعرة بالدونية، ولذلك يحاولون بكل الوسائل أن يجعلوا من العلويين طائفة إسلامية.
الديانة العلوية هي من الأديان اليزدانية الآرية ولا تمتّ بأية صلة بالدين الإسلامي وأن إدخال بعض الرموز الإسلامية فيها هو للحفاظ على هذا الدين وعلى أرواح معتنقيها. هنا أذكر خمس أدلة على كون الدين العلوي هو من فرع من فروع الديانة المثرائية:
1. معتنقو الديانة العلوية والدروزية يؤمنون بتناسخ الأرواح وهذا كفر في الدين الإسلامي. هكذا فأن العلويين والدروز يلتقون في هذا الإعتقاد مع بقية فروع الديانة المثرائية، كالديانة الإيزدية واليارسانية والهندوسية والبوذية والشبكية. الإيمان بتناسخ الأرواح دليل جازم بأن العلوية والدروزية هما فرعان من فروع المثرائية ولا تربطهم أية صلة بالإسلام.
2. إسم الطبقة الدينية العليا للعلويين والدروز واليارسانيين والإيزديين هو (پیر PÎR) وهي كلمة كوردية خالصة والتي تعني (شيخ، عجوز، شخص كبير العمر) وهنا تعني (شخص محترم). هذا يشير بوضوح الى أن هذه الأديان لها أصل واحد وهو المثرائية وكذلك أن هذه الأديان بما فيها الديانة الدروزية والعلوية ذات أصل كوردي.
3. إسم المعبد في الديانة العلوية يُسمى (جَمَڤي CEMEVÎ) و في الديانة اليارسانية يُسمّى "جَمخانه CEMXANE" وكلاهما يعنيان (محل التجمّع)، حيث يتم الإجتماع في المعبد ويتم تقديم النذور وأداء الطقوس الدينية فيه. كلمة "جَم" هي كلمة كوردية قديمة وحتى أن عاصمة الإمبراطورية الميدية كان إسمها (جَمَزان) والتي تعني (ملتقى الطرق). هذا يعني كوردية أصل الدين العلوي. الكلمة العربية (جمع) و مشتقاتها مثل (جماعة، جمعة، تجمّع، جِماع، إجماع، ، إجتماع، جموع، مجموع... الخ) مأخوذة من الكلمة الكوردية "جَم".
4. يقوم العلويون بتقديم النذور بصورة مأكولات مطبوخة و فواكه في إجتماعات دينية خاصة، حيث يترأسها ال(پير) وبمشاركة مساعديه وآخرين وأداء مراسيم خاصة وقراءة أدعية دينية خاصة بهذه المناسبة. هذه الإجتماعات الدينية والمراسيم تتطابق مع ما لدى اليارسانيين (الكاكائيين).
5. موطن العلويين هي كوردستان، حيث يقطن معظمهم في المنطقة المحصورة بين سلسلة الجبال الممتدة من عكار جنوباً إلى جبال طوروس شمالاً، ويتوزع بعضهم في ريف حماة وحمص، ولواء اسكندرون وقيليقية. نرى أن أكثريتهم لا يزالون يعيشون في موطنهم الأصلي، كوردستان. ("عكار" هي إحدى المحافظات اللبنانية والتي تقع بِمحاذاة الحدود السورية الشمالية).
الديانة العلوية و الإيزدية و الدروزية و اليارسانية (الكاكائية) والشبك تكاد تكون ديانة واحدة، حيث أنها متشابهة في العقيدة و الشخصيات الدينية و الإيمان بتناسخ الأرواح و النظام الطبقي و الطقوس الدينية من صوم و تقديم النذور و التكايا و الإحتفاظ بالشارب و غيرها. لذلك فأن المصادر الرصينة تذكر بأن الديانة العلوية هي إحدى الديانات الكوردية القديمة. عند المقارنة بين العقيدة الإسلامية و العلوية، نرى أنّه ليس هناك أيّ رابط يربط بين هذين الدينَين، حيث لا وجود للأركان الخمسة للدين الإسلامي عند العلويين. عليه فأن الدين العلوي هو دين كوردي قديم و أن قسماً من معتنقي هذا الدين من غير الكورد، هم كورد مستتركون أو مستعربون أو مستفرسون، بينما القسم الآخر ينتمون لقوميات أخرى، غير القومية الكوردية وقد إعتنقوا هذا الدين الكوردي و جعلوه ديناً لهم.
هكذا نرى أن الكثير من صفحات تاريخ منطقة الشرق الأوسط مكتوبة من قِبل الحُكّام وللحُكام ومن قِبل أناس عنصريين وطائفيين وشموليين ومنحازين. كما أن "دراسات" الكثير من الغربيين هي "دراسات" خاطئة أو محرّفة بسبب كون حكومات دول منطقة الشرق الأوسط هي مرجعيات ومصادر هذه الدراسات سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة وبسبب جهل هؤلاء المؤرخين للغات وثقافات وتراث وخلفيات شعوب المنطقة. لذلك يجب إعادة النظر في تاريخ هذه المنطقة في مختلف المجالات من خلال إجراء دراسات وأبحاث علمية رصينة، حيث أن العولمة وثورة المعلومات والتغيّرات السياسية الكبرى التي حصلت وتحصل في المنطقة، فتحت آفاقاً واسعة للإكتشافات الأثرية وتوفّر فرصاً ممتازة للمؤرخين والباحثين لإعادة النظر في تاريخ المنطقة خدمةً للحقيقة ولإنصاف الأمم والشعوب والقوميات والأديان والطوائف والشرائح الإجتماعية التي تعرض تاريخها للإلغاء أو التزوير والتحريف والتشويه وكشف التاريخ المزوّر والمُحرّف. العولمة وثورة المعلومات وسرعة نقلها، تتيح للباحثين إكتشاف جوانب مجهولة من التاريخ وتصحيح الكثير من الجوانب التاريخية التي تم زيفها وتحريفها أو تمت دراستها بشكل خاطئ أو ناقص. لذلك يجب العمل بكل حيادية وموضوعية وبِمهنية لتقديم أبحاث ودراسات علمية وأكاديمية للتوصل الى الحقائق التاريخية وإنقاذ تاريخ منطقة الشرق الأوسط من التزوير والتحريف والتشويه والبتر.


التزوير العلني
الى متى الاستخفاف بعقل الشعب العربي
جوان سعدون

- اشتُهر أغلب الكُتّاب والمؤرخين العرب لدى الدول الغربية و مراكز البحث العلمي بالانحياز الفاضح لقوميّتهم و دينهم في كتاباتهم المتخصصة في تاريخ منطقة الشرق الأوسط و شمال افريقيا ، لدرجة وصلت بهم أن يتصرّفوا حتى بكتابات المؤلفين والمؤرخين الغربيين من خلال ترجماتهم لنصوص معينة و إحداثهم التغيير الكثير بمحتوى الكتب بما يتناسب مع أخيلتهم و أحلامهم و معتقداتهم حتى يمسي تغييراً جذرياً في الكثير من الأحيان .
مقدمة كتاب " البدو" المترجم للعربية 
- وكمثال على ما ذكرته ، كتاب " البدو" للعالم و الرحالة الألماني البارون ماكس ڤون أوپنهايم ، الذي جاب الشرق الأوسط سنوات طويلة لاستكشاف المنطقة و عشائرها ، والذي قام بترجمته " محمود كبيبو " ، وقام بالتحقيق والتدقيق " ماجد شبّر " ، حيثُ يعتبر كتاب "البدو" المترجم للعربية مرجعاً للعرب ولمن يريد الإطلاع على تاريخ عشيرته أو قبيلته و يتواجد هذا الكتاب في كل الدول العربية و مكاتبها بالرغم من اعتراف المترجم في مقدمة الكتاب بتعديله حسب ما اعتبره (( تحريفاً )) من قبل أوپنهايم .
- الأهم من ذلك هو أنّ المترجم قام بترجمة الأجزاء المتعلقة بالعرب فقط وتعديلها و أيضاً التي تتضمن احتكاكهم ببعض القبائل الكُردية ، ظاهراً بذلك أن القبائل العربية هي الطاغية في المنطقة ، علماً أن الكتاب الأصلي الموجود بالنسخة الألمانية غير مخصصة للقبائل العربية فقط.

- وكمثال آخر ، كتاب " تصنيف المائة الأكثر تأثيراً في التاريخ " لمؤلفه الأمريكي مايكل هارت ، اليهودي الديانة ، والذي يذكر من خلاله شخصيات إيجابية ( علماء و حكماء ) وسلبية ( مجرمين و طغاة ) أثرت في التاريخ و قام بترتيبهم من الأكثر تأثيراً والذي قام بترجمته أنيس منصور و تصرّف بالمحتوى ليتناسب مع معتقداته ، لدرجة إذا قرأت الكتاب باللغة العربية ستظنّ أنّ مايكل هارت مسلم الديانة فقد غيّر أنيس منصور حتى العنوان وسمّى الكتاب ( الخالدون المائة أعظمهم محمد رسول الله) ، والمصيبة أنّ أنيس منصور يعترف أيضاً في مقدمة ترجمته للكتاب أنّ تصرّف به وصحّح بعض الأمور ، و للأسف نال ما قام بتعديله أنيس منصور شهرة ساحقة في العالم العربي من خلال البسطاء و الغيورين على معتقداتهم الدينية على مبدأ ( الدعاية للدين أجر وثواب ) .
- من المعروف بالنسبة للجميع ، أنّ الدول الناطقة باللغة العربية لا تمتلك قراءً بنسبة كبيرة ، فمن سيقوم أصلاً بمحاسبة هؤلاء المدلّسين؟
- تعلّم أغلب الشعب العربي أن يتهم غيره ممن يخالفه المعتقد و الرأي بالتزوير والتحريف دون تحديد الجزء المحرّف والمزور أو على الأقل كشف الأصل بالدليل الملموس، كاتهاماتهم كتب الديانات الأخرى بالمحرّفة دون الكشف عن الأصل الصحيح ، وبدلاً من إثبات اتهاماتهم بالأدلة الملموسة يقومون بالتصرف بمحتويات مؤلفات الآخرين بدون أدنى ذرة من الاحترام لعقول شعوبهم الغارقة في ملاحقة الدعاية للمستبد أو للدين .





من هو الاصل 
الديانة الايزيدية او الشعب الكوردي ؟ 

د.مهدي كاكه يي
الإنسان هو خالق الأفكار والعقائد والفلسفة والأديان ولولا الإنسان لما كانت هناك أديان. هل الإنسان تابع للفكر أم الفكر تابع للإنسان؟ بالطبع الفكر هو من إبتكارات الإنسان وعليه فأن الفكر ليس فقط تابعاً للإنسان، بل من إبتكاراته. أسلاف الشعب الكوردي هم الذين أوجدوا الديانة الإيزدية وغيرها من الأديان الكوردية القديمة. أقتطف هنا هذه الفقرات من إحدى مقالاتي التي تشير الى أصل الديانة الإيزدية:
(الديانات الإيزْدية و المَزْدَكية و اليارسانية (كاكەيي) والهلاوية (العلوية) و الدروزية والشبكية هي إمتداد للديانة المثرائية المتجلية في الديانة اليزدانية. قبل ظهور المسيحية، كان جميع الآريين يعتنقون الديانة المثرائية. عليه فأن الديانة اليزدانية هي أقدم بكثير من الديانة الزردشتية، حيث أنه قبل أكثر من 3500 سنة، كان أسلاف الكورد الميتانيون يُدينون بالديانة المثرائية. كما أن الميديين كانوا يعتنقون الديانة اليزدانية، حيث أن اليزدانية كانت الدين الرسمي للإمبراطورية الميدية.
تظهر بقايا معتقدات الديانة المثرائية بوضوح في هذه الأديان الكوردية، مثل تناسخ الأرواح والإعتقاد بوجود قوتَين متضادتَين وهما الخير والشر، وكذلك قُدسية الشمس والنار وتقديم القرابين (النذور) للأحياء والأموات و تقبيل الأرض الذي هو طقس ديني للتعبير عن حب الإنسان للأرض وشكرها، حيث يعيش الإنسان عليها و أن إستمرارية حياته مرتبطة بها.
لذلك فأن الديانة الهلاوية و الإيزدية و الدروزية و اليارسانية (الكاكائية) والشبك تكاد تكون ديانة واحدة. إن هذه الأديان متشابهة في العقيدة و الشخصيات الدينية و الإيمان بتناسخ الأرواح و النظام الطبقي و الطقوس الدينية من صوم و تقديم النذور و التكايا و الإحتفاظ بالشارب و غيرها، حيث أن جميعها ينحدر من الديانة المثرائية. الإختلافات البسيطة الموجودة بين هذه الأديان، ناتجة عن العزل الجغرافي بين أصحاب هذه الأديان، حيث أن عيشها ضمن كيانات سياسية مختلفة والتباعد الجغرافي بينهم والعيش بمعزل عن بعضهم البعض، خلقت بمرور الزمن هذه الإختلافات البسيطة في أسماء الشخصيات الدينية والطقوس الدينية وغيرها). إنتهى الإقتباس.
مما سبق، نرى أن الديانة الإيزيدية لم تكن موجودة قبل 3500 سنة، بل كانت هناك الديانة المثرائية والتي بمرور الزمن إنبثقت منها الديانات الهندوسية والبوذية والإيزدية واليارسانية والهلاوية والدروزية والشبكية والمزدكية، بينما تمّ ذكر الكورد في وثيقة تاريخية قديمة تعود إلى الألف الثالث قبل الميلاد والتي هي عبارة عن لوحَين من الحجر نقش عليهما نص سومري، سبق ل(إرنانا)، الوزير الأكبر للملك السومري سوشين (2037 – 2029 ق. م.) أن أمر بوضعهما تحت قاعدة الباب العائد لمعبد جديد تم بناؤه في جرسو (تيللو) في جنوب العراق. بعد أن يذكر (إرنانا) سلسلة من ألقابه ومناصبه، يذكر بأنه محافظ عسكري لأربيلوم (أربيل)، ومحافظ كل من خماسي وكره خار (قره خان/ جلولاء)، وكذلك القائد العسكري لأهالي سو وبلاد كوردا (كوردستان الكبرى). إذن (كورد أو كوردا) ليس إسم منطقة، بل أنه إسم شعب. أسلاف الكورد قبل مئات الآلاف من السنين كانوا يعيشون في كهوف كوردستان وأسلاف الكورد السومريون قبل اكثر من 8000 سنة كانوا يعيشون في كوردستان و في تلك الأزمنة كان لا وجود للديانة المثرائية نفسها والتي كانت ديانة الشعوب الآرية والتي الديانة الإيزدية هي من بقاياها. هكذا فأن الشعب الكوردي، بمختلف مسمياته، كان موجوداً وآمن بعقائد عديدة في مراحل حياتها الى أن إعتنق المثرائية والتي إنبثقت منها عدة ديانات والتي إحداها هي الديانة الإيزدية.




تاريخ تقسيم كوردستان
في العصر الحديث

د.مهدي كاكه يى

قبل معركة جالديران التي حدثت بين الإمبراطورية الصفوية والعثمانية، كانت كوردستان مقسمة الى إمارات كوردية مستقلة ضمن الإمبراطورية الصفوية، على سبيل المثال كانت إمارة أردلان الكوردستانية تمتد من مدينة أصفهان الى مدينة الموصل ودام حكمها لمدة 700 سنة (1169 - 1869 ميلادية). عند نشوب معركة جالديران بين الإمبراطوريتَين العثمانية و الصفوية في سنة 1514 وإنتصار العثمانيين في هذه الحرب، تمّ تقسيم كوردستان لأول مرة، حيث تم إحتلال قسم منها من قِبل العثمانيين والقسم الآخر إحتله الصفويون. في 17 مايس سنة 1639، تمّ تثبيت ذلك التقسيم نهائياً بموجب معاهدة قصر شيرين (زهاب) التي أُبرمت بين الإمبراطوريتين المذكورتَين1.
كان للكورد دوراً حاسماً في إنتصار الدولة العثمانية على الدولة الصفوية، حيث تحالف معظم الأمراء الكورد مع العثمانيين. لعِب العامل الطائفي دوراً بارزاً في التحالف الكوردي – العثماني، حيث أن أكثرية الكورد والأتراك ينتمون الى المذهب السُنّي، بينما الصفويون كانوا يعتنقون المذهب الشيعي. من الجدير بالذكر أن حُكّام الإمبراطورية الصفوية كانوا كورداً، حيث كان نادر شاه كوردياً و أنّ الصفويين كانوا ينتمون الى عائلة كوردية من شيوخ الدراويش و لم يكونوا فرساً2، إلا أن حُكّام الإمبراطورية الصفوية خدموا الفرس ولم يعملوا لِصالح شعبهم الكوردي.
بعد إنتهاء الحرب العالمية الأولى وزوال الإمبراطورية العثمانية، تمّ تقسيم كوردستان من جديد بموجب إتفاقية سايكس – بيكو، فتمّ ضمّ القسم الكوردستاني الذي كان تحت حكم الإستعمار العثماني، الى ثلاث كيانات سياسية مصطنعة التي تم تأسيسها في المنطقة، وهي تركيا و العراق و سوريا.
قبل الحرب العالمية الأولى، كانت إيران الحالية يحكمها القاجاريون وكانت الإنتفاضات والتمردات العشائرية قد خلقت فوضى كبيرة فيها ولم تكن للحكومة القاجارية سلطة فعلية في البلاد، بينما كانت بقية منطقة الشرق الأوسط واقعة تحت الحكم العثماني. لذلك لم تكن هناك دول مستقلة في المنطقة، بل كانت المنطقة مقسمة الى ولايات عثمانية، على سبيل المثال، كان العراق الحالي عبارة عن ثلاث ولايات وهي ولاية شهرزور وبغداد والبصرة وكانت ولاية البصرة تضم منطقة القطيف والإحساء الشيعيتَين الغنيتَين بالبترول واللتين تم ضمهما للمملكة العربية السعودية و هما الآن جزء من أراضي هذه المملكة وكانت الكويت أيضاً جزءاً من ولاية البصرة. عليه فأن هذه الدول المصطنعة ظهرت في المنطقة بحدودها الحالية بعد إنتهاء الحرب العالمية الأولى والتي خلالها تمّ ضم الجزء العثماني من كوردستان الى الدول التي تم إصطناعها بموجب إتفاقية سايكس – بيكو الإستعمارية وهي تركيا والعراق وسوريا.
بعد الحرب العالمية الأولى أصبح الشيخ محمود الحفيد ملِكاً على جنوب كوردستان، إلا أن الإستعمار البريطاني قام بإحتلال مملكته وضمها للمملكة العراقية التي قام الإنكليز بإستيراد رجل سعودي الى العراق ونصّبوه ملكاً عليه.
العنصريون الأتراك والعرب والفرس يتبجحون بأن كوردستان لم تكن مستقلة في السابق في العصر الحديث ولذلك لا يحق لها الإستقلال، بينما كانت كوردستان جزءاً من الإمبراطورية العثمانية، كغيرها من المناطق وأن العراق الحالي وسوريا وتركيا ولبنان والسعودية والأردن الحالية وغيرها من دول المنطقة، لم يكن لها وجود قبل الحرب العالمية الأولى ككيانات سياسية، حالها حال كوردستان. كما أنه حسب قوانين الأمم المتحدة، فأن لكل شعب الحق في تأسيس دولته المستقلة وبذلك يحق لشعب كوردستان أن يحرر وطنه ويؤسس دولة مستقلة على أرضه التأريخية.

المصادر
محمد أمين زكي (1948). تاريخ الكورد وكوردستان – تاريخ الدول والإمارات الكردية في العهد الإسلامي. الجزء الثاني، ترجمة: محمد علي عوني,مطبعة السعادة,القاهرة



تاريخ اسم كوردستان
د.مهدي كاكه يى

تُظهر الآثار القديمة المُكتشَفة بأن المنطقة التى تُسمى "كوردستان" اليوم عُرِفت ب"بلاد الكورد" منذ آلاف السنين، حيث كان السومريون يسمّون المنطقة (كوردا قوتيوم) و التي تعني "أرض كاردا" و الأشوريون كانوا يسمونها (كورتي) و البابليون كانوا يطلقون عليها إسم "قاردو" و الإغريق كانوا يسمونها "قاردوتشوي" و الرومان أطلقوا عليها إسم (كوردرين) وتم ذكر إسم كوردستان في التوراة بإسم (منطقة کاردو/قاردو). أطلق الآراميون إسم (بی-;-ت قاردو) على كوردستان والتي تعني (بلاد الكورد). كما أنه في حوالي سنة 1760 قبل الميلاد، قام الكاشيون بقيادة زعيمهم (خانديژ)، بالتعاون مع أسلاف الكورد الگوتيين واللوليين، بتأسيس دولة (كاردوينا) في جنوب ميزوبوتاميا1. دولة (كاردوينا) تعني دولة (الكورد).

كان (مارسيلينيوس)، مؤرخاً وجندياً رومياً في القرن الرابع الميلادي، أي قبل حوالي 1700 سنة، عندما يصل الى الهذبانيين، يشير بوضوح الى الخارطة الجديدة لكوردستان، حيث يقول بأن المنطقة الممتدة من نينوى، مارةً بأربيل حتى مدينة همدان هي بلاد الهذبانيين.a هذه هي أقدم إشارة للجغرافية الجديدة لكوردستان في التأريخ. علماً بأن نينوى كانت في ذلك الوقت مقاطعة أكبر بكثير من تلك التي نجدها اليوم، حيث كانت تضم أيضاً أجزاءً من شرق و شمال كوردستان الحالية، بينما كانت الأقسام الأخرى من شرق وشمال كوردستان تحت الحكم الرومي آنذاك. هكذا نرى بأن (مارسيلينيوس) قبل حوالي 1700 عاماً يشير الى جغرافية كوردستان الحالية. من الجدير بالذكر هو أن الهذبانيين كانوا ينتمون الى قبيلة قامت بتأسيس دولة كوردية قديمة، حيث يعود أصلهم الى العهد الهوري، قبل مجئ الآشوريين الى المنطقة، وأن أصل عائلة صلاح الدين الأيوبي يعود الى هذه القبيلة، حيث كانت كوردستان تُعرف ببلاد الهذبانيين في القرن الرابع الميلادي، أي قبل الإحتلال العربي الإسلامي لِكوردستان بِحوالي 300 سنة.
خارطة العالم الإسلامي التي رسمها محمود كشغري في سنة 1076 ميلادية أي قبل 939 سنة، تتضمن كوردستان بإسم (أرض الأكراد).b هذا دليل آخر على العمق التأريخي للكورد في كوردستان.
أول من أطلق إسم "كوردستان" على موطن الكورد هو السلطان السلجوقى (سنجر) و ذلك فى أواسط القرن السادس للهجرة (القرن الثاني عشر الميلادي) أي قبل أكثر من 800 سنة2. من هنا نرى بأن إسم (كوردستان) قديم جداً.


المصادر 1-لى سترينج (1930). الأراضي فى شرق عصر الخلافات
2-
a. Ammianus Marcellinus (1862). Res Gestae (Rerum gestarum Libri XXXI). Translated by C.D. Yonge
b. محمود الكاشغري





عيد نُوروز والمؤامرة على الملك الميدي أَزْدَهاك


دلالات عيد نوروز:
 
نَوْرُوز (نُوروژ Nûroj) عيدٌ آرياني قديم جداً، تاريخُ نشأته غير معروف، يحتفل به الكورد والفرس والبُلوش والأفغان والتّاجيك أيضاً، وله ثلاث دلالات رئيسة:
- دلالة دينية: مرتبطة بالديانة اليَزدانية الشمسانية، فإشعال النار عند غروب شمس يوم 20 مارس/آذار رمزٌ إلى انتصار النور على الظُّلمة، والأرجح أن ابتهالات دينية كانت تُنشَد في تلك المناسبة مصحوبة بألحان موسيقية، وبقي اصطحاب الابتهالات بالموسيقى إلى الآن في التراث الأَيزدي، واليارْساني (كاكايي)، والآلاوي (عَلَوي). 
- دلالة بيئية: مرتبطة بالاعتدال الربيعي، وتساوي الليل والنهار، وتجدّدِ الحياة في النباتات والأشجار، وولادةِ الخراف، وما يصاحب ذلك من حفلات الرقص والغناء في أحضان الطبيعة الجميلة، تعبيراً عن الفرح، واستبشاراً بالخير في البيئة الرَّعوية الزراعية. 
- دلالة قومية: أصبح عيد نوروز جزءاً من التراث القومي الوطني للشعوب الآريانية ومنها الكورد، وربما كان في عيد نوروز يتمّ الاحتفال بتنصيب ملك على العرش، أو بالانتصارِ على عدوّ، أو الخلاصِ من طاغية.
وأحداث قصة أَزْدَهاك وكاوا مرتبطة بعيد نوروز، وكنت أعتقد أنها حقيقة تاريخية، وتبيّن لي بعدئذ أن وراءها مؤامرة على الملك الميدي الأخير أزدهاك، وفي 20 – 3- 2015، نشرت مقالاً بعنوان "إلى متى نُؤبلس مَلِكَنا العظيم أَزْدَهاك في نوروز؟"، وأعود مرة أخرى إلى الموضوع نظراً لأهمّيته.


الميد والفرس:
قبل الميلاد بحوالي ألف عام كان الفرس والميد (أسلاف الكورد) شعبين متجاورين، وواقعين تحت احتلال امبراطورية آشور، وظهر في الميد أربعة ملوك:
ـــ الأول: دَياكو (دَهاكو) مؤسّسُ مملكة ميديا حوالي عام 727 ق.م، وثار على مملكة آشور ووقع في الأسر. 
ـــ الثاني: خَشاتْرِيت بن دَهاكو، يسمّى (فَراؤوت/براؤرت) أيضاً، سيطر على بلاد فارس، وهاجم مملكة آشور، وقُتل في المعركة عام 653 ق.م.
ـــ الثالث: كَيْخُسْرُو بن خَشاتْرِيت، أسقط مملكة آشور عام 612 ق.م، وحرّر القسمَ الأكبر من بلاد أسلاف الكورد، وتوفّي عام 585 ق.م.
ــــ الرابع: أزْدَهاك بن كَيْخُسْرو، ولعلّ اسمه (أَزْد دَهاك) بمعنى (دَهاك الأزداني/اليَزْداني) نسبةً إلى الإله الآرياني (أزْدان= يَزْدان)، وكان صاحبَ مشروع إمبراطوري، فأوصل حدود مملكة ميديا إلى أفغانستان شرقاً، وإلى المحيط الهندي جنوباً، وإلى البحر الأبيض المتوسط.
كان أَزْدَهاك ملكاً طموحاً وشجاعاً وحازماً، ومتشدّداً في محاسبة المسؤولين على تنفيذ المهمّات، فأثار نقمة بعض الزعماء الميد بقيادة هارپاگ قائد الجيش الميدي، وتآمرَ هارپاگ سرّاً مع الملك الفارسي كُورش الثاني، ودفعه إلى الثورة على أَزْدَهاك عام 553 ق.م، فتصدّى له أَزْدَهاك، وخلال المعركة تظاهر هارپاگ وأتباعه بالهزيمة، بحسب الاتفاق مع كورش، فخسر أَزْدَهاك المعركة.
تراجع أَزْدَهاك بمن بقي معه من المقاتلين إلى العاصمة أَگْباتانا (هَمَدان)، وسلّح الشعب، وقاد المقاومةَ ضدّ الفرس والميد المتآمرين معهم، لكن المهاجمين احتلّوا أَگْباتانا عام 550 ق.م، ووقع أَزْدَهاك أسيراً في قبضة كُورش، ثم أرسله كُورش ليُسجَن في مكان بعيد بشمال شرقي إيران، وفي الطريق تُرك في الصحراء يموت جوعاً وعطشاً، وبذلك قُضي رسمياً على مملكة ميديا. 
والمثير للانتباه أن هارپاگ زار أزدَهاك في السجن ليتشفّى منه، وحينما ذكر هارپاگ أنه قاد المؤامرة عليه، غضب أزْدَهاك جداً، وأنّبه قائلاً: 
"إذنْ فأنت لست الأشدَّ لؤماً بين البشر وحَسْب، بل أكثرَ الرجال غباءً؛ فإذا كان هذا من تدبيرك حقّاً، كان الأجدر أن تكون أنت الملك، ... وإذا كان لا بدّ لك من أن تُسلّم العرشَ لآخر غيرك، فكان الأجدر بك أن تقدّم هذه الجائزة لميدي بدلاً من فارسي، لكن الحال القائمة الآن هي أن الميديين الأبرياء من كل جُنْحَة [جريمة] غدوا عبيداً بعدما كانوا أسياداً، وأصبح الفرس سادةً عليهم بعد ما كانوا عبيداً عندهم" [تاريخ هيرودوت، ص 93]. وهذا دليل على مدى إخلاص أزدَهاك لشعبه ووطنه، ومدى غَيرته الوطنية ووعيه القومي. 


في عمق المؤامرة:
في البداية تظاهر كورش بأن الحكم مشترك بين الفرس والميد، وعيّن القادةَ الميد المتآمرين وغيرَهم في مناصب عليا، وفي الوقت نفسه بدأ بتقوية النفوذ الفارسي في المملكة، وتصاعد نهجُ تفريس السلطة والثقافة والثروة في عهد ابنه الملك قَمْبَيز Gembêj، وجدير بالذكر أن قَمْبَيز كان طاغيةً، سفّاكاً للدماء، يُصاب بنوبات جنون، وأدّت سياسة التفريس إلى صحوة بعض قادة الميد والبدء بالثورات، وأبرزها ثلاث ثورات:
1- ثورة الزعيم الميدي گَاوُوماتا عام 522 ق.م في عهد قَمبيز.
2- ثورة الزعيم الميدي فراؤُرْت عام 521 ق.م. في عهد دارا الأول.
3- ثورة الزعيم الميدي چَيتْران تَخْمَه في عهد دارا الأول أيضاً.

فشلت الثورات الثلاث، وقُتل قادتُها وأتباعهم بوحشيّة، وشدّد ملوك الفرس قبضتهم على ميديا، ونسبوا حضارة الميد إلى الفرس، وكان الملك قَمْبَيز قد أوصى قادة الفرس قُبيل وفاته؛ بألّا يسمحوا للميديين بإقامة مملكة ميديا مرة ثانية مهما كلّف الأمر، فشنّ الفرس على الميد حملة تشويه وتبشيع شاملة في مجالين:
ـــ المجال الديني:
كان الميد أتباع الديانة اليَزدانية، ورفضوا دينَ النبي الميدي زَردشـت، فلجأ زَردشت إلى الحاكم الفارسي هَشْتاسْپ والد الملك دارا الأول، واعتنق هَشْتاسْپ وأتباعُه الزَّردشتية، واتّخذ الفرسُ الزَّردشتيةَ أيديولوجيا لمحاربة الدين اليَزداني بمختلف مذاهبه، ولمحاربة النفوذ السياسي الميدي، وشوّهوا سمعة رجال الدين اليَزدانيين (موغ = ماغ= مَجوس)، ونسبوا إليهم أعمال السِّحر والكُفر.

ــ المجال السياسي:
 بدأ ملوك الفرس عمليةَ تفريس المملكة سياسياً وإدارياً، وأصبح ذلك منهجاً سياسياً دائماً تنفيذاً لوصيّة الملك قَمْبَيز، وفي هذا الإطار تمّ تغييبُ تاريخ ملوك ميديا وأمجادهم، وتبشيع صورة الملك الميدي الآخير أَزْدَهاك. 

وفيما يلي الخطوط العامّة للمؤامرة على أَزْدَهاك باختصار شديد.
ورد في تاريخ الفرس الأسطوري؛ أن بِيوَراسْپ اغتصب العرش من وريث شرعي يُدعى (فَريدُون)، وذات يوم ظهر إبليس لبِيوَراسْپ في زيّ طبّاخ ماهر، وقبّل كتفيه، فنبتت على كتفي بِيوَراسْپ حيّتان (تِنّينان= أژدِها Ejdiha)، وكانتا تؤلمانه، فظهر له إبليس في زِيّ طبيب، ونصحه بقتل شابّين كلّ يوم، وتغذيةِ الحيّتين بمخّيهما، وتضايق الفُرس من قتل أبنائهم، فثاروا على بِيوَراسْپ، وقاد الثورةَ الحدّاد گاوَه (گاوا)، وهو من أَصْبهان ( أَسْپان Espan، كانت مدينة ميدية)، وقُتل بِيوَراسْپ، وأعاد گاوا العرشَ إلى فَريدُون، واتّخذ الفرس ذلك اليوم عيداً باسم (نوروز).
ونعتقد أنه، في مرحلة لاحقة، دمج مؤرّخو الفرس بين شخصيتَي بِيوَراسپ الفارسي وأَزْدَهاك الميدي، ونسبوا قصّة الحيّتين إلى أَزْدَهاك، مستفيدين من الشبه اللفظي بين (أَزْدَهاك) و(أَژْدِها)، وفي الوقت نفسه نسبوا الثائر الميدي گَاوا إلى الفرس، وبتعبير آخر: إنهم عكسوا الأدوار، فجعلوا الملك الطاغيةَ ميدياً والثائرَ فارسياً، ودسّ المؤرّخون والأدباء الفرس هذه الرواية بصيغ متنوّعة في كتب التاريخ خلال القرون الثلاثة الأولى من العهد الإسلامي.


اللُّعبة الفارسية:

خلال قرون الاحتلال الفارسي حُرِم الكورد من معرفة تاريخَ أسلافهم الميد، وصدقوا ما دسّه مؤرّخو الفرس في كتب التاريخ حول قصّة أزدهاك وگاوا، وورد اسم گاوا في المصادر العربية بصيغة (كاوا)؛ لأن حرف (گ) غير موجود في الخط العربي، فكُتب بصيغة (ك)، وظلّ الكورد يحتفلون مع الفرس في نوروز بحسب أحداث تلك الأسطورة الفارسية المختلَقة. 
وفي أوائل القرن العشرين، ومع نهوض الوعي القومي الكوردي، أحيا بعض المثقفين والساسة الكورد الاحتفالَ بعيد نوروز، واعتبروه عيداً قومياً وطنياً، واعتبروا أَزْدَهاك رمزاً إلى الطغيان، واعتبروا (كاوا) رمزاً إلى النضال ضدّ العبودية والطغيان، وخاصّة أن كوردستان كانت قد قُسّمت بين إيران وتركيا والعراق وسوريا، وتعرّض الكورد لمختلف أنواع القهر والصهر، وبسبب قلّة المعلومات التاريخية حينذاك خَفيت عليهم اللعبة الفارسية الماكرة.
وبهذه المناسبة أذكر أن عمّي علي- رحمه الله- كان إذا وصف شخصاً بالدهاء والمكر يقول Mexrezê xwe ya hûre؛ أيْ أن مخرَزَه دقيق جدّاً، والقصد أنه يجيد المكر ويصعب اكتشاف ألاعيبه. وكذلك مَخْرَز نُخب الفرس، فهم ماهرون في اختلاق القصص التي تخدم أغراضهم السياسية، ولا قيمة حينئذ لا لحقائق التاريخ والواقع، ولا لمنطق العقل.
وجدير بالذكر أنه حينما أسقط العرب إمبراطوريةَ الفرس، وبقصد تشويه سمعة الحكم العربي، أعاد بعض مؤرّخي الفرس صياغةَ قصّة (أَزْدَهاك وكاوا)، وحرّفوا اسم أَزْدَهاك إلى (الضَّحّاك)، مستفيدين من التقارب الصوتي بين الكلمتين، وزعموا أن الضحّاك كان عربياً أصلُه من اليمن، وأنه قتل أباه الملك مِرْداس ليَحُلّ محلّه في الحكم، ونسبوا إليه كل ما نسبوه إلى الملك الميدي أَزْدَهاك، بل أكثر من ذلك.
وإنني أثير موضوع قصّة أَزْدَهاك وكاوا ليس للتنفير من الاحتفال بعيد نوروز، لا، فنوروز أعظم أعيادنا القومية والوطنية، والاحتفالُ به واجب قومي ووطني مقدّس، وإنما أثير الموضوع لهدفين:
الأول: ضرورة أن نغربل- نحن الكورد- المعلومات الواردة في المصادر الشرق أوسطية، وحتّى في بعض المصادر العالمية أيضاً مثل "تاريخ هيرودوت"، ونعيدَ كتابة تاريخنا على أسس علمية وواقعية، وبعيداً عن الخرافات والاختلاقات المدسوسة.
الثاني: أن نعيد النظر في قصّة (أَزْدَهاك وكاوا)، ونكفَّ عن المشاركة في تبشيع واحد من أعظم ملوكنا، ونوقفَ صبَّ اللعنات عليه في عيدنا الأعظم (نوروز).
ما ذكرته هو اختصار شديد جدًاً لمؤامرة كبرى، وأعرف أن ثمّة تساؤلات عديدة، وآمل أن أتمكّن مستقبلاً من ذكر أحداث هذه المؤامرة بالتفصيل في كتاب مستقلّ.

ومهما يكن فلا بدّ من تحرير كوردستان!
========================


وجهة نظر وُجب ارفاقها مع المقالة
يقول بعض الكُتاب الكورد ان يوم 21 اذار هو يوم سقوط نينوى وانهيار المملكة الاشورية عام 612ق.م بيد البابليين والميديين وغيرهم بقيادة القائد الميدي "كي خسرو" الذيي يسميه الكورد "كاوا" 
 واصبح ذلك اليوم عيد يحتفل به اقوام تلك المنطقة "الفرس والافغان والكورد والتاجيك..الخ" لتخلصهم من ظلم المملكة الاشورية
والذي يعطي لهذه الفكرة نوعا من الصحة 
هو ان مملكة آشور كانت دولة عسكرية تقوم على العبيد
 ويقال عن الملك الاشوري واسرحادون (والد آشور بانيبال)  انه كان مهووسا بحب إذلال الملوك حيث كان يجبر الملوك التابعين له على المجيء إلى عاصمته والعمل في ظروف قاسية لبناء قصوره في نينوى..........

الكاتب: د.احمد خليل (سوزدار ميدي)
تنثيق+اضافة اخر فقرة:Hassan Rame

 لماذا هذا الهجوم الإسلاموي على النشيد الوطني الكُردستاني؟



الأغبياء والمغفّلون فقط هم الذين يجهلون أن فضائية الجزيرة القَطرية هي غرفة عمليات لكبار قادة ثقافة الإرهاب، فيها ينتجون ثقافة الإرهاب، ويصدّرونها إلى العالم أجمع. 
والأغبياء والمغفّلون فقط يجهلون أن مهمّة فضائية الجزيرة هي إدارة الحرب الدعائية الإرهابية بموازاة الحرب المسلّحة التي تديرها منظمات الإرهاب  كالقاعدة، وداعش، وجبهة النُصرة، وغيرها من عصابات الإرهاب في العالم. 
فضائية الجزيرة هذه كانت اليوم (الخميس 11-12-2014) متلهّفة لإذاعة خبر خلاصته: "نواب إسلاميون كُرد في برلمان إقليم كُردستان- العراق، يطالبون بتغيير النشيد القومي الكُردي (أي رقيب)، لأنه ورد في هذا النشيد تفضيل الوطن على الدين".
أليس من العجيب- يا شعبنا الكُردي- أن يثير نوّابٌ كُرد هكذا قضيّة حسّاسة جداً، وفي هكذا وقت حسّاس جداً، على الصعيد القومي والوطني؟! إن مئات من نسائنا الكُرديات الأيزديات ما زلن سبايا في قبضة الإسلاميين الدواعش، يغتصبونهن، ويبيعونهن في أسواق النِّخاسة، أيْ أن شرفنا القومي مُداس الآن تحت أقدام الدواعش، أفلم يكن من واجب البرلماني الكُردي الأصيل أن يبحث الآن في كيفية إنقاذ شرفنا القومي المُداس؟
الغزاة الدواعش، وبتخطيط ودعم لوجستي من أعداء الكُرد، وخاصة قادة الإرهاب في الدوحة وأنقرة، يشنّون الغزو على كُردستان منذ أشهر، من خانقين شرقاً إلى عَفرين غرباً، وغرضهم الأساسي هو تدمير المكاسب التي أحزرها الكُرد في جنوبي كُردستان وفي غربي كُردستان، وإعادة الكُرد إلى حظيرة العبودية، أفلم يكن من واجب البرلماني الكُردي الأصيل أن يحمل السلاح، ويكون مقاتلاً عن كرامة كُردستان، وعن وجود الأمّة الكُردية؟
مئات الألوف من شعبنا في كوباني يتعرّض الآن لأقسى حملات الغزو الداعشية الطورانية، مئات القرى  دُمّرت ونُهبت، أطفالُنا ونساؤنا وعجائزنا وشيوخنا الآن في العراء، يعانون الجوع والبرد والمرض وقصف الدواعش، أفلم يكن من واجب البرلماني الكُردي الأصيل الآن أن يكون موجوداً بين أولئك المشرَّدين، يحمل إليهم رغيف خبز، أو كساء، أو دواء، أو على الأقل كلمة تعاطف رحيمة؟
البارحة أعلنت وزارة الپَيشمرگه في إقليم كُردستان عن أن عدد شهدائنا في الحرب ضد الغزاة الدواعش بلغ  727 شهيداً، وأن عدد الجرحى بلغ 3564 جريحاً، ألم يكن من واجب البرلماني الكُردي الأصيل أن يقوم الآن بزيارة هؤلاء الأبطال الجرحى، ويطمئن عليهم، وأن يزور بيوت أبطالنا الشهداء، ويحيط أمّهاتهم الثكالى، ونساءهم الأرامل، وأولادهم اليتامى، بالعناية والرعاية والحنان؟ 
أهذا وقت إثارة المشكلات التي تفرّق شعبنا، وتزرع الخلافات والخصومات، أم أنه وقت توحيد الصفوف لمواجهة الغزو الظلامي الداعشي، وإنقاذ كُردستان من شرورهم؟
أسألكم بالله: أهؤلاء نوّاب عن الكُرد في البرلمان، أمم نوّاب عن الغزاة الدواعش؟ كان الغزاة الدواعش، بمجرد احتلالهم لجزء من وطننا، يُنزلون العلم القومي الكُردي النوارني، ويرفعون بدلاً منه علمهم الإرهابي الظلامي. وذات مرة ظهر إرهابي كُردي من الجنوب يقاتل مع الدواعش، يفتخر بأنهم انتصروا على الپَيشمرگه، وأن كُردستان أرض إسلامية، وأن الراية الإسلامية ستحلّ محلّ راية كُردستان، ويصف الپَيشمرگه بالمرتدّين، فما الفرق بين الغزاة الدواعش والبرلماني الكُردي الذي يطالب الآن بتغيير النشيد الوطني الكُردي؟
هل مهمّة البرلماني الكُردي الأصيل توجيه جهوده إلى كيفية تحرير كُردستان من الاحتلال، واستعادة الكرامة الكُردية، أم أن مهمّته تدمير رموزنا القومية، وفي مقدّمتها نشيدنا الوطني؟ حسناً، إذا كان هؤلاء البرلمانيون غير راضين عن نشيدنا القومي لأنه يقدّم الوطن على الدين، أفلا يعني ذلك أنهم يطالبون ضمناً بفرض حكم إسلامي في كُردستان، وتحويل كُردستان إلى ولاية في دولة الخلافة الداعشية السُّنّية الإخوانية السلفية بقيادة البغدادي؟ 
وإذا سكتنا على إقامة دولة الخلافة الداعشية السُّنّية الإخوانية السلفية في كُردستان، فعندئذ ماذا نفعل بالكُرد الشيعة، وبالكُرد الأيزديين، وبالكُرد اليارسانيين، وبالكُرد العلويين، وبالكُرد المسيحيين، وبمواطني كُردستان المسيحيين واليهود الآخرين؟ ألن يكون من حق هؤلاء أن يطالبوا بدول أو إدارات خاصة بهم كما طالب مير تحسين بك منذ فترة قصيرة؟ وألا يعني ذلك أن هؤلاء الدواعش الكُرد يمزّقون كُردستان حتى قبل تحريرها وتوحيدها؟
وإذا سكتنا على مطالبة الدواعش الكُرد بتغيير النشيد الوطني، فما الذي يضمن أنهم لن يطالبوا بتغيير العلم الكُردستاني أيضاً؛ لأنه يحمل رمز الشمس؟ ما الذي سيمنعهم من القول بأن الشمس رمز وثني مجوسي، وأن يطالبوا بأن تحمل رايتنا الوطنية رمزاً ظلامياً بدل الشمس؟ ألم يصرّح أحدهم أنه لا يجوز الاحتفال بعيد نوروز، لأنه ليس عيداً إسلامياً؟
يا شعبنا الكُردي، هذه الحرب على نشيدنا الوطني ألا يعني أن وطننا مهدّد من الداخل؟ ألا يعني أن ثمّة طابوراً ظلامياً خامساً قد عشّش في مجتمعنا وفرّخ؟ وألا يعني أن هذا الطابور بلغ من القوة إلى درجة أن له لوبياً في أوّل برلمان لنا؟ وألا يعني أنه بموازاة الغزو الداعشي القادم من الخارج، هناك غزوٌ داعشي يُشَنّ علينا من الداخل؟ 
ألا تعني هذه الحرب الوقحة على نشيدنا الوطني، أن كبار قادة دواعش الخارج في قطر والموصل وأنقرة، بعد أن فشلت مؤامرتهم القذرة، أصدروا الأوامر إلى دواعش الداخل؛ كي يثيروا القلاقل، ويمزّقوا صفوفنا، ويُشغلونا عن معركة الدفاع عن وجودنا ووطننا؟ 
أليس من الحكمة أن نتنبّه إلى خطورة دواعش الداخل هؤلاء؟
أليس من الحزم أن نحاسبهم على استهانتهم برموزنا القومية؟
وأن نطهّر كُردستان كلها من الفكر الداعشي الظلامي المتآمر؟ 
ومهما يكن فلا بدّ من تحرير كُردستان!

              عِمامة الكُردي .. ولا قُبّعة التركي

              دراسات في الفكر القومي الكُردستاني

           



بطرك الروم والسلطان العثماني:
كي تتضح دلالة هذا العنوان، دعونا نرجع إلى القرن الرابع الميلادي، حينذاك كان الفرس والرومان يتقاسمون الشرق الأوسط، ونتيجةً للصراعات السياسية، اتخذ الإمبراطور الروماني قُسطَنطين الأكبر Constantin مدينةَ بيزنطا Byzantion عاصمةً بدل روما، وسُمّيت (رُومية) ثم (قُسطنطينية) والآن (إستانبول)، واعتنق قسطنطين المسيحية، وأصدر عام (325 م) قراراً باتخاذها ديناً رسمياً للدولة (حبيب بدر: المسيحية عبر تاريخها في المشرق، ص 292).
وحدثت انشقاقات بين الكهنوت المسيحي، وتمحورت بعد قرون حول الأرثوذُكسية والكاثوليكية، كانت الأرثوذكسية تمثّل الثقافة الشرقية (اليونانية) والنفوذ السياسي البيزنطي، وكانت الكاثوليكية تمثّل الثقافة الغربية (اللاتينية) والنفوذ السياسي الأوربي، وفي سنة (1054 م) أعلن السفير البابوي حرمان بَطْرَك القسطنطينية من الكنيسة، وقذف البَطرك اللعنات عليه، وفي سنة (1204م)، توجّه مقاتلون صليبيون إلى القدس لاحتلالها، فاستباحوا قسطنطينية في طريقهم، ونهبوها بصورة بشعة، فصارت القطيعة بين الكنيستين نهائية. (فراس السَّوّاح: موسوعة تاريخ الأديان، ص 288).
وباسم الإسلام، اقتحم السلاجقة غربي آسيا في القرن (5 هـ= 11 م)، وبعد سيطرتهم على إيران والعراق وكُردستان، توجّهوا نحو موانئ شرقي المتوسط وآسيا الصغرى، ملتقى شبكة طريقَي التجارة العالميين (طريق البخور، وطريق الحرير)، واتخذوا كُردستان قاعدة لاحتلال كثير من ممتلكات بيزنطا في آسيا الصغرى، مستغلّين الصراع بين قسطنطينية وروما؛ حتى إن البابا أُورْبان الثاني أطلق الحملة الصليبية الأولى سنة (1095م)، لاحتلال القدس، وليس للدفاع عن إمبراطورية بيزنطا.
واستكمل العثمانيون المشروعَ الطوراني التوسعي، وزادوا من احتلال ممتلكات بيزنطا، وقفزوا إلى رُومَللي غرباً، وعندما ضاق الخناق على قسطنطينية، اقترح بعض القادة على بطركها الاستعانة ببابا الڤاتيكان، لردّ التهديد العثماني، فقال الزعيم الأرثوذكسي Lukao Megas duxu: " أن نرى عِمامةَ السلطان في قلب المدينة أفضل لنا من أن نرى قبّعة البابا اللاتيني". (مصطفى أوغلو: جذور الحركة الإسلامية في تركيا، ص 83).
وماذا كانت نتيجة موقف الزعيم الأرثوذكسي؟ احتلّ العثمانيون قُسطنطينية سنة (1453م)، ونفّذوا مشروع أَسْلمة السكان وتتريكهم لغةً وثقافة، وسيطروا على أهم مضيقَين (البوسفور والدَّرْدَنيل)، وزحفوا على أوربا الشرقية كالإعصار، وحاصروا ڤينا (عاصمة نمسا) للمرة الثانية سنة (1683 م)، (ول ديورانت: قصة الحضارة، ج 26، ص 103، 104)، وفرضوا الإسلام على أوربا الشرقية، وفرضوا (ضريبة الرؤوس)، فكان جباتهم يأخذون الوسيمين والجميلات من الأطفال غصباً بدل الضرائب، ويربّونهم على الإسلام، ويستخدمون الذكور في الفرق الإنكشارية المقاتلة، ويتخذون الفتيات محظيات لتحسين نسلهم، فالعرق التركي الأصلي معروف بقصر القامة وقلة الجمال.
ولما حلّت جمهورية تركيا محلّ الدولة العثمانية سنة (1923)- السنة ذاتها التي أُلغيت فيها معاهدة سيڤر ووُقّعت فيها معاهدة لُوزان- استكمل آتاتورك مشروع تتريك آسيا الصغرى أرضاً وبشراً، فأزال الأسماء اليونانية وأحلّ محلها أسماء تركية، ورحّل حوالي مليون يوناني من ديار أسلافهم، واستقدم بدلاً منهم البلقانيين المسلمين، وقد مارس في شمالي كُردستان سياسات تتريك الجغرافيا والسكان ذاتها.
الزعيم الكُردي.. أم الزعيم المحتل؟
أية كارثة كانت أسوأ من هذه التي جرّها مبدأ "عِمامة التركي، ولا قلنسوة البابا" على بيزنطا وأوربا والمسيحية؟! نعم، ربما كانت روما تسيطر على قسطنطينية سياسياً، وربما كانت الكاثوليكية تصبح هي المهيمنة، ويخسر البطرك وأعوانه مناصبهم ونفوذهم، وربما كان الظلم يقع على سكان بيزنطا، لكن كانت قسطنطينية ستبقى قسطنطينية ولن تصبح (إستانبول)، وكان السكان سيحتفظون بهويتهم الإغريقية والدينية والثقافية عامة، وما كانت مملكة بأسرها تُمحى من الوجود.
والمؤسف أن كثيرين من زعماء القبائل الكُردية والساسة والمثقفين الكُرد نهجوا طوال 25 قرناً نهج بطرك قسطنطينية، وجسّدوا من خلال مواقفهم شعار" سيف المحتل، ولا سوط الكُردي"، إن حساباتهم الشخصية والعائلية والقَبَلية والدينية والمذهبية والحزبية جعلتهم يرفضون الانقياد لزعيم من بني جنسهم، وحملتهم على الوقوف تحت راية المحتل وفي صفه، غير عابئين- وربما جاهلين- بما تجرّه مواقفهم تلك على الأمة الكُردية من كوارث جيلاً بعد جيل.
حسناً، لنفترض أنّ جهل بعض أجدادنا، وضعف وعيهم القومي، وذهنيتهم الساذجة، وغفلتهم وربما حماقتهم، دفعهم إلى اتخاذ تلك المواقف المدمّرة، لكن ما عُذرنا ونحن في عصر العلم والمعرفة؟ ما عذرنا وكثيرون منا أصحاب شهادات عليا، وأصبحنا على معرفة دقيقة بذهنيات المحتلين الشوفينية؟ ما عذرُنا في رفض زعامة الكُردي، والقبول بزعامة ظلاميين فاشيين أمثال خامنئي والقَرَضاوي وأردوغان؟   
متى نُدرك أن أسوأ زعيم كُردي أفضل ألف مرة من زعماء المحتلين أمثال خامنئي والقرضاوي وأردوغان؟ نعم قد لا نرضى عن بعض أفكار زعماء الكُرد ومواقفهم وسياساتهم، وقد يستأثرون ببعض المناصب والمكاسب، وقد تُمارَس المحسوبية في ظل قياداتهم، فيظلمون بعضنا، وقد يسجنون بعضنا، بل قد يشتطّون أكثر فيقتلون بعضنا، لكنهم قطعاً لن يكونوا ضد ثقافتنا وهويتنا ووجودنا القومي. 
أما المحتلون فهم ينهبون ثرواتنا، ويرمون ببعض فُتاتها في جيوب بعضنا، ويسخّرونهم لإزالة ثقافتنا ومسْخ هويتنا، وطوال 25 قرناً هل تردّدوا في التنكيل بنا قهراً، وإذلالاً، وسَجْناً، وتشريداً، وتقتيلاً؟ مَن غيرُهم وقف- وما زال يقف باستكبار ووقاحة- ضد وجودنا كأمّة، ويصرّ على احتلال وطننا؟ فأيّ خطر أعظم من هذا؟
يا ساستنا ومثقفينا، حينما نعرف تاريخ أمتنا على الأقل قبل ألف عام، ونفكر في مستقبل أمتنا على الأقل لألف عام، وحينما نضع قضيتنا الجوهرية "وطنٌ محتل، وشعبٌ مستعمَر" نُصب أعيننا، وفي قلوبنا وأحاسيسنا وأذهاننا، وفي كل خلية من خلايانا، عندئذ نكون جديرين باحترام أجيالنا، وعندئذ لن نقع في مصيدة الأنانية والغفلة والحماقة، ولن ننساق في النهج الذي انساق فيه بطرك قسطنطينية.
أجل، عندئذ لن ندخل في تحالفات وتبعيات عقائدية وسياسية وعسكرية مع محور خامنئي (زعيم الفاشية الفارسية)، أو مع محور أردوغان (زعيم الفاشية الطورانية)، أو مع محور القَرَضاوي (زعيم الفاشيات المستعربة الإسلامية)، وعندئذ سنقبل العمل مع كل قيادة كُردية مهما كانت نقائصها، وسنقبل العمل مع كل زعيم كُردي مهما كانت لنا مآخذ عليه، وسنعمل بحب وإخلاص للتنبيه على تلك النقائص والمآخذ، وسيكون شعارنا الكُردستاني الأصيل "عِمامة الكُردي.. ولا قُبّعة التركي"!
ومهما يكن، فلا بدّ من تحرير كُردستان!

التاريخ الكوردي

{picture#https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg4BbaMU3Fdie6CQAkQbWsr_jM8E4IchIbwp_WxzrMy2ns1pboVanLNdQ9sTzxzm1cz7cvbXGWyeFrGN0Lqit4em2t2L8Wi7QF-5rkJuZE4zSkOpce4s4UI2paofk76nW_sxk0Km976-N7f/s1600/mylogodirok.png} تاريخ الكورد وكوردستان عبر العصور الى يومنا الحاضر {facebook#https://www.facebook.com/diroka0kurdi/}

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.