لماذا هذا الهجوم الإسلاموي على النشيد الوطني الكُردستاني؟
الأغبياء والمغفّلون فقط هم الذين يجهلون أن فضائية الجزيرة القَطرية هي غرفة عمليات لكبار قادة ثقافة الإرهاب، فيها ينتجون ثقافة الإرهاب، ويصدّرونها إلى العالم أجمع.
والأغبياء والمغفّلون فقط يجهلون أن مهمّة فضائية الجزيرة هي إدارة الحرب الدعائية الإرهابية بموازاة الحرب المسلّحة التي تديرها منظمات الإرهاب كالقاعدة، وداعش، وجبهة النُصرة، وغيرها من عصابات الإرهاب في العالم.
فضائية الجزيرة هذه كانت اليوم (الخميس 11-12-2014) متلهّفة لإذاعة خبر خلاصته: "نواب إسلاميون كُرد في برلمان إقليم كُردستان- العراق، يطالبون بتغيير النشيد القومي الكُردي (أي رقيب)، لأنه ورد في هذا النشيد تفضيل الوطن على الدين".
أليس من العجيب- يا شعبنا الكُردي- أن يثير نوّابٌ كُرد هكذا قضيّة حسّاسة جداً، وفي هكذا وقت حسّاس جداً، على الصعيد القومي والوطني؟! إن مئات من نسائنا الكُرديات الأيزديات ما زلن سبايا في قبضة الإسلاميين الدواعش، يغتصبونهن، ويبيعونهن في أسواق النِّخاسة، أيْ أن شرفنا القومي مُداس الآن تحت أقدام الدواعش، أفلم يكن من واجب البرلماني الكُردي الأصيل أن يبحث الآن في كيفية إنقاذ شرفنا القومي المُداس؟
الغزاة الدواعش، وبتخطيط ودعم لوجستي من أعداء الكُرد، وخاصة قادة الإرهاب في الدوحة وأنقرة، يشنّون الغزو على كُردستان منذ أشهر، من خانقين شرقاً إلى عَفرين غرباً، وغرضهم الأساسي هو تدمير المكاسب التي أحزرها الكُرد في جنوبي كُردستان وفي غربي كُردستان، وإعادة الكُرد إلى حظيرة العبودية، أفلم يكن من واجب البرلماني الكُردي الأصيل أن يحمل السلاح، ويكون مقاتلاً عن كرامة كُردستان، وعن وجود الأمّة الكُردية؟
مئات الألوف من شعبنا في كوباني يتعرّض الآن لأقسى حملات الغزو الداعشية الطورانية، مئات القرى دُمّرت ونُهبت، أطفالُنا ونساؤنا وعجائزنا وشيوخنا الآن في العراء، يعانون الجوع والبرد والمرض وقصف الدواعش، أفلم يكن من واجب البرلماني الكُردي الأصيل الآن أن يكون موجوداً بين أولئك المشرَّدين، يحمل إليهم رغيف خبز، أو كساء، أو دواء، أو على الأقل كلمة تعاطف رحيمة؟
البارحة أعلنت وزارة الپَيشمرگه في إقليم كُردستان عن أن عدد شهدائنا في الحرب ضد الغزاة الدواعش بلغ 727 شهيداً، وأن عدد الجرحى بلغ 3564 جريحاً، ألم يكن من واجب البرلماني الكُردي الأصيل أن يقوم الآن بزيارة هؤلاء الأبطال الجرحى، ويطمئن عليهم، وأن يزور بيوت أبطالنا الشهداء، ويحيط أمّهاتهم الثكالى، ونساءهم الأرامل، وأولادهم اليتامى، بالعناية والرعاية والحنان؟
أهذا وقت إثارة المشكلات التي تفرّق شعبنا، وتزرع الخلافات والخصومات، أم أنه وقت توحيد الصفوف لمواجهة الغزو الظلامي الداعشي، وإنقاذ كُردستان من شرورهم؟
أسألكم بالله: أهؤلاء نوّاب عن الكُرد في البرلمان، أمم نوّاب عن الغزاة الدواعش؟ كان الغزاة الدواعش، بمجرد احتلالهم لجزء من وطننا، يُنزلون العلم القومي الكُردي النوارني، ويرفعون بدلاً منه علمهم الإرهابي الظلامي. وذات مرة ظهر إرهابي كُردي من الجنوب يقاتل مع الدواعش، يفتخر بأنهم انتصروا على الپَيشمرگه، وأن كُردستان أرض إسلامية، وأن الراية الإسلامية ستحلّ محلّ راية كُردستان، ويصف الپَيشمرگه بالمرتدّين، فما الفرق بين الغزاة الدواعش والبرلماني الكُردي الذي يطالب الآن بتغيير النشيد الوطني الكُردي؟
هل مهمّة البرلماني الكُردي الأصيل توجيه جهوده إلى كيفية تحرير كُردستان من الاحتلال، واستعادة الكرامة الكُردية، أم أن مهمّته تدمير رموزنا القومية، وفي مقدّمتها نشيدنا الوطني؟ حسناً، إذا كان هؤلاء البرلمانيون غير راضين عن نشيدنا القومي لأنه يقدّم الوطن على الدين، أفلا يعني ذلك أنهم يطالبون ضمناً بفرض حكم إسلامي في كُردستان، وتحويل كُردستان إلى ولاية في دولة الخلافة الداعشية السُّنّية الإخوانية السلفية بقيادة البغدادي؟
وإذا سكتنا على إقامة دولة الخلافة الداعشية السُّنّية الإخوانية السلفية في كُردستان، فعندئذ ماذا نفعل بالكُرد الشيعة، وبالكُرد الأيزديين، وبالكُرد اليارسانيين، وبالكُرد العلويين، وبالكُرد المسيحيين، وبمواطني كُردستان المسيحيين واليهود الآخرين؟ ألن يكون من حق هؤلاء أن يطالبوا بدول أو إدارات خاصة بهم كما طالب مير تحسين بك منذ فترة قصيرة؟ وألا يعني ذلك أن هؤلاء الدواعش الكُرد يمزّقون كُردستان حتى قبل تحريرها وتوحيدها؟
وإذا سكتنا على مطالبة الدواعش الكُرد بتغيير النشيد الوطني، فما الذي يضمن أنهم لن يطالبوا بتغيير العلم الكُردستاني أيضاً؛ لأنه يحمل رمز الشمس؟ ما الذي سيمنعهم من القول بأن الشمس رمز وثني مجوسي، وأن يطالبوا بأن تحمل رايتنا الوطنية رمزاً ظلامياً بدل الشمس؟ ألم يصرّح أحدهم أنه لا يجوز الاحتفال بعيد نوروز، لأنه ليس عيداً إسلامياً؟
يا شعبنا الكُردي، هذه الحرب على نشيدنا الوطني ألا يعني أن وطننا مهدّد من الداخل؟ ألا يعني أن ثمّة طابوراً ظلامياً خامساً قد عشّش في مجتمعنا وفرّخ؟ وألا يعني أن هذا الطابور بلغ من القوة إلى درجة أن له لوبياً في أوّل برلمان لنا؟ وألا يعني أنه بموازاة الغزو الداعشي القادم من الخارج، هناك غزوٌ داعشي يُشَنّ علينا من الداخل؟
ألا تعني هذه الحرب الوقحة على نشيدنا الوطني، أن كبار قادة دواعش الخارج في قطر والموصل وأنقرة، بعد أن فشلت مؤامرتهم القذرة، أصدروا الأوامر إلى دواعش الداخل؛ كي يثيروا القلاقل، ويمزّقوا صفوفنا، ويُشغلونا عن معركة الدفاع عن وجودنا ووطننا؟
أليس من الحكمة أن نتنبّه إلى خطورة دواعش الداخل هؤلاء؟
أليس من الحزم أن نحاسبهم على استهانتهم برموزنا القومية؟
وأن نطهّر كُردستان كلها من الفكر الداعشي الظلامي المتآمر؟
ومهما يكن فلا بدّ من تحرير كُردستان!
إرسال تعليق